Popis: |
الحمد لله الذي خلق الخلق فأحسنه, وأبدع الكون وجمّله, وأنزل الكتاب فأَحكمه, وهدى الإنسان وعلّمه, وبين له سبيل الحق وفهّمه, وأشهد أن لا إله إلا الله الحقّ المبين, وأصلي وأسلم على محمد صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للعالمين, شرح الله جل جلاله به صدور قوم عن الحق غافلين, ولأهواء الجاهلية متّبعين, فأصبحوا به أعزّة مؤمنين, وملكوا الدنيا ووعدهم الله جل جلاله جنَّة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين, و أسلِّم على آله وصحبه والتابعين ومن سار على نهجه واستن بسنته إلى يوم الدين، أما بعد: فإن باب المعاملات المالية المعاصرة في الشريعة الإسلامية باب مهم من أبواب الفقه الإسلامي، ولما كانت المعاملات المالية كثيرة متعددة متجددة فيها الحلال البين وفيها الحرام البين وفيها المتشابهات، وفيها المحكم، فقد أصّل العلماء، وبنوا الأحكام، ووضعوا القواعد، وشيّدوا لنا مكتبة واسعة في مجال الفقه الإسلامي على وجه العموم، وفي باب المعاملات المالية على وجه الخصوص. وكثير من مسائل المعاملات المالية التي عرض لها الفقهاء في القديم، كان عماد جوازها الضرورة والحاجة الماسة، فكانت الضرورة محط نظر العلماء عند بناء الأحكام؛ لذلك بينوا معناها، وشرحوا مرماها، وأظهروا مقاصدها، واستخرجوا فوائدها، ووضعوا لها الضوابط والشروط، فكانت الضرورة بقواعدها ناصعة البيان، سهلة المأخذ والمقال في بناء الأحكام الشرعية ومنها المعاملات المالية. ومن بعد القدماء سار المحدثون من العلماء، فذيلوا على قاعدة الضرورة الفوائد العارضة من خلال المسائل الطارئة، فزادت الحواشي، حتى أصبحت بثمارها كالفواكه الدواني، وكثرت الرسائل والمصنفات وانتشرت الكتب والمجلدات، فزاد النفع، وعم الخير. وعليه رأى الباحث أن يجمع بعض مسائل المعاملات المالية الحديثة التي قامت على حكمها الضرورة، وهذه المسائل مترامية الأطراف حيث عند كل عالم فائدة، وفي كل كتاب شاردة، فاجتهدت لجمع شملها، حتى ينتفع الناس على أثرها وهي تحت عنوان: " أثر الضرورة على أحكام المعاملات المالية المعاصرة " |